وعندما تم تقييم حالتها المرضية من جانب فريق الرعاية الصحية في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري، صُدمت هدى عندما اكتشفت أن تشخيص إصابتها بمرض السكري مؤخراً لم يؤثر على صحتها العامة فحسب، بل أدى أيضاً إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول وضغط الدم، مما شكّل خطراً على صحة قلبها.
وأوضح البروفيسور أفتاب أحمد، استشاري الغدد الصماء والسكري في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري، والذي اشرف على حالة هدى، أنه نظراً لأن جسم مريض السكري لا يستطيع توظيف الأنسولين - وهو هرمون ينظم نسبة السكر في الدم - على النحو الصحيح، فإن لذلك تأثير غير مباشر على المؤشرات الصحية الأخرى، مما يزيد من احتمالية الإصابة بمرض في القلب. لافتاً إلى أن الأشخاص المصابين بداء السكري أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب بمقدار الضعف، وفي سن أصغر مقارنة بأولئك الذين لا يعانون منه. ووفقاً للاتحاد الدولي للسكري، هناك أكثر من مليون شخص مصاب بمرض السكري في الإمارات العربية المتحدة.
وقال البروفيسور أحمد: "يمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات السكر في الدم إلى انخفاض نسبة كوليسترول البروتينات الدهنية عالية الكثافة HDL أو ما يُعرف بالكوليسترول الجيد، وبالمقابل زيادة نسبة الدهون الثلاثية، وهي دهون ضارة بالدم. وفي الوقت نفسه، يمكن أن تؤدي مقاومة الأنسولين إلى تصلب الشرايين الضيقة، مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم. وعندما زارتنا هدى في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري، كانت تعاني من كل عوامل الخطر هذه، مما حتّم علينا إخضاعها لبرنامج مكثّف لإدارة مرض السكري ومساعدتها على اتباع نمط حياة صحي في محاولة لخفض هذه النسب".
وتضمن البرنامج الشامل الذي وضعه فريق الأطباء في المركز لمساعدة هدى على إدارة مستويات الجلوكوز وتقليل عوامل خطر إصابتها بالأمراض القلبية الوعائية، نظاماً مناسباً ومنظماً لجرعات الأنسولين، إضافة إلى تغييرات في نمط الحياة والنظام الغذائي المتّبع مع المراقبة المنتظمة للمؤشرات الصحية. وفي غضون ثلاثة أشهر فقط، انخفض مستوى الهيموجلوبين السكري التراكمي HbA1c لدى هدى، وهو اختبار يقيس مستوى التحكم في نسبة السكر في الدم لدى المريض على مدى الثلاثة أشهر الماضية، بشكل ملحوظ من 13.7% إلى 6%. وتمكنت هدى أيضاً من خفض وزنها وتقليل مستويات الدهون وضغط الدم لديها من 140/70 ملم زئبقي إلى متوسط 125/65 ملم زئبقي، إضافة إلى خفض "الكوليسترول الضار LDL" بنسبة 50% تقريباً من 2.6 ملمول / لتر إلى 1.3 مليمول / لتر خلال عام. وقد ساهمت هذه النتائج الجيدة في خفض درجة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بشكل عام من نسبة عالية جداً بلغت 17% إلى نسبة ضئيلة لا تكاد تذكر.
ولفت البروفيسور أحمد إلى أن هذه النتيجة استثنائية للغاية خاصةً وأنها تحققت خلال فترة زمنية قصيرة، وفي الحقيقة يمكن تحقيق ذلك فقط عندما نكون قادرين على مساعدة المريض على فهم الفيزيولوجيا المرضية لمرض السكري وكيف أنه يؤثر على كل عضو ووظيفة في الجسم. وعندما نناقش مع المريض الدور الذي يمكن أن يلعبه برنامجهم الصحي الحالي أو الخيارات المرتبطة بنمط حياتهم في إدارة هذه المشكلة، فإنهم يدركون وقتها مدى سهولة إدارة المرض ويشعرون بالقدرة على إجراء تغييرات تدريجية في حياتهم اليومية تساعدهم على تجنب عوامل الخطر هذه.
وتصف هدى خيارات نمط حياتها الجديد بأنها "استثمار في مستقبلها".
"كنت أعلم أن ارتفاع مستوى السكر في الدم يمكن أن يلحق أضراراً بوظائف الكلى، لكنني لم يكن لدي أدنى فكرة أنه يمكنه أيضاً أن يشكل خطراً على صحة القلب. لقد غيرت نظامي الغذائي على الفور وأتناول الآن اللحوم الخالية من الدهون والأسماك فقط، مع الحرص على عدم احتواء نظامي الغذائي على الكثير من الدهون أو الزيت أو الملح. كما أنني أكثر حرصاً حالياً على المشي أو القيام ببعض التمارين الرياضية الخفيفة لمدة 20 دقيقة يومياً، لذلك أشعر بأنني أكثر صحة وقدرة على التحكم بروتين حياتي. وبكل تأكيد أنا لا أقوم بذلك من أجل نفسي فقط ولكن من أجل أبنَتي اللتين أحرص دوماً على تذكيرهما بضرورة مراقبة نظامهما الغذائي وإجراء فحوصات صحية منتظمة".
ويقدم البروفيسور أفتاب أحمد خمس نصائح للحفاظ على صحة القلب:
- راقب مؤشراتك الصحية بانتظام واستخدم سجلاً أو مخططاً لتتبُع معدل السكر التراكمي ومستويات ضغط الدم وسكر الدم والكوليسترول.
- خصص حوالي 150 دقيقة كل أسبوع لممارسة الرياضة. يمكنك تخصيص هذا الوقت كما تشاء خلال الأسبوع، بمزيج من التمارين الهوائية الخفيفة إلى المتوسطة وتمارين المقاومة من أجل الصحة البدنية العامة. وحتى المشي لمدة 15 دقيقة يومياً يساهم بتأثير إيجابي كبير على صحة قلبك على المدى الطويل!
- احرص على اتباع نظام غذائي مستدام غني بالعناصر الغذائية ولا يسبب ارتفاع في نسبة السكر في الدم. واستخدم منهجية اللوحة لحساب النظام الغذائي الخاص بمرض السكري لتحضير حصص غذائية ذات توازن صحي من الخضروات والبروتينات والكربوهيدرات.
- تناول الأدوية الخاصة بك حسب توجيهات الطبيب لأن ذلك يشكل أفضل خطوط الدفاع ضد خطر الإصابة بأمراض القلب. حاول ضبط المنبه أو استخدام علبة حبوب إذا كانت لديك مشكلة في التذكر.
- احرص على إدارة التوتر من أجل سلامتك العاطفية والجسدية. يمكن أن تؤدي هرمونات التوتر إلى ارتفاع ضغط الدم وجعل إدارة مرض السكري أكثر صعوبة.