الحلم بركوب الخيل يحفز الطفل خليفة الخييلي للسيطرة على السكري من النوع الأول

Khalifa 2

خليفة الخييلي، طفل إماراتي من مدينة العين يبلغ من العمر 10 سنوات، له تجربة فريدة في التعامل مع مرض السكري من النوع الأول والذي أصيب به قبل سنوات. ويأمل خليفة أن تصبح قصته مصدر إلهام لغيره من الشباب للسيطرة على حالتهم المرضية حتى يتمكنوا من التمتع بحياة طبيعية ينعمون فيها بالنشاط والحيوية.

ظلّ خليفة حتى وقت قريب يعاني ارتفاعًا شديدًا بمستويات السكر في الدم، ما جعله يشعر بخمول دائم ويعرّضه لخطر الإصابة بمضاعفات المرض الذي شُخصّ بالإصابة به قبل أن يبلغ الرابعة من العمر. ولكنه استطاع في غضون أشهر قليلة، أن يغيّر وضعه الصحي بمساعدة طبيبته ودعم أسرته، وكان حافزه في ذلك هو تحقيق حلمه في أن يصبح بطلًا في ركوب الخيل.

يقول خليفة: "في أواخر العام 2019، شاهدت مقطع فيديو عن شخص استطاع تعلم ركوب الخيل في 30 يومًا فقط استعدادًا للمشاركة في إحدى المسابقات. بعد مشاهدة ذلك الفيديو، تولدت لدي رغبة شديدة في ممارسة هذه الرياضة، فتحدثت إلى والدتي وأخبرتها أنني أريد أن أتلقى دروسًا في ركوب الخيل، فقالت إنني أستطيع ذلك، شريطة أن تؤكّد طبيبتي أن هذا لن يضرّ بصحتي."

الطبيبة المشرفة على خليفة هي الدكتورة أماني عثمان، استشارية أمراض السكري لدى الأطفال في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري، التابع لشبكة مرافق مبادلة للرعاية الصحية عالمية المستوى. تقول الدكتورة أماني إن الأطفال الذين يعانون مرض السكري من النوع الأول ولا يخضعون للعلاج بالطريقة المناسبة، "عليهم الامتناع عن ممارسة الرياضة حتى يحققوا السيطرة على مستويات السكر في الدم"، مشيرة إلى أن التوصيات الطبية بهذا الصدد تُلزم من يزيد معدل السكر في دمه عن 250 مليغرامًا لكل ديسيلتر، بتوخي الحذر الشديد بشأن ممارسة الرياضة، بسبب تعرضه لخطر الإصابة بالحُماض الكيتوني السكري.

وتوضح الدكتورة بالقول: "يُعدّ الحُماض الكيتوني السكري من المضاعفات الخطرة التي تحدُث عندما يكون سكر الدم مرتفعًا جدًا فتتراكم المواد الحمضية المسماة "الكيتونات" لتبلغ مستويات خطرة في الجسم، ما قد يؤدي إلى حدوث أعراض مثل القيء وآلام البطن، وقد يصل الأمر في الحالات الأكثر خطورة إلى الغيبوبة أو الوفاة. ولذلك كان من الضروري أن يحرص خليفة على تحقيق استقرار نسبة السكر في دمه والسيطرة عليها قبل شروعه في تعلّم ركوب الخيل".

نقطة التحول

تخلّى خليفة عن عادة تناول الطعام بطريقة متقطعة؛ وإهمال وجبة الغداء، وشراء الحلويات سراً من أحد المتاجر القريبة، والتزم باتباع النصائح الغذائية لطبيبته بحذافيرها، واستطاع بمساعدة أسرته الالتزام بمواعيد وجبات الطعام، وتجنب الأطعمة المصنعة والسكرية، وحساب استهلاكه من الكربوهيدرات ليطابق معها جرعة الإنسولين.

اختبار السكري التالي الذي أجراه الصبي الصغير أكّد أن جهوده بدأت تؤتي ثمارها. وهنا تقول الدكتورة أماني: "نخضِع المرضى بانتظام لاختبار الهيموغلوبين A1c المعروف بالاسم HbA1C، والذي يقيس نسبة السكر في الدم على مدى ثلاثة أشهر. ويجب أن يكون المستهدف لدى الأطفال هو 7.5 بالمئة، لكن النسبة لدى خليفة تراوحت دائمًا بين 10 و13 بالمئة. لكن في هذا الاختبار انخفضت النسبة إلى أقلّ من 9 بالمئة، ونتوقع أن يحقق خليفة هدفه قريباً".

وتقول والدة خليفة، فرحات نسيم، إنها أعجبت بعزيمة ولدها وتصميمه. وتضيف: "عندما قرّر خليفة أن ركوب الخيل هو ما يريده، كان رأي الجميع أنه مريض ولا يمكنه القيام بذلك، لكنه كان قد عقد العزم على ألا يعيقه مرض السكري عن تحقيق حلمه".

وتؤكد استشارية أمراض السكري أن دعم الأسرة يمكن أن يلعب دورًا حيويًا في تحسين نتائج العلاج لدى الأطفال المصابين بالسكري. وأضافت: "لقد أحدثت أسرة خليفة فرقًا كبيرًا امتدّ إلى أسلوب حياة أفرادها أنفسهم. وساعدته والدته، وأخواه آسيا وأحمد، في فحص نسبة السكر في دمه، وإعطائه حقن الإنسولين، والتحدث معه حول أهمية تناول الطعام الصحي".

بدوره، يقول أخوه أحمد، البالغ من العمر 16 عامًا، إن خليفة "لم يأخذ حالته على محمل الجدّ في البداية، ولكنه الآن غيّر عاداته تمامًا. كان ركوب الخيل دافعه القويّ للتغيير، ولم يقتصر ذلك على تناول الطعام المناسب لصحته، وإنما شمل تعلّمه الصبر في التعامل مع حالته".

تجنب المضاعفات

وتشدّد الدكتورة أماني على أهمية تعامل خليفة وكل طفل مثله مع مرضه في مرحلة مبكرة، مشيرة إلى وجود العديد من المضاعفات المرتبطة بمرض السكري من النوع الأول، مثل اعتلال الشبكية وأمراض الكلى وتلف الأعصاب. وتضيف: "نجري للأطفال المصابين بالسكري من النوع الأول فحوصات شاملة كل عام، تشمل العيون والكلى والغدة الدرقية، علاوة على اختبارات HbA1C المنتظمة. لقد نجح خليفة في تلبية جميع الاشتراطات، لذلك أصبح هدفنا خفض درجة HbA1C إلى سبعة بالمئة، والإبقاء عليها عند هذا المستوى لتجنب حدوث أية مضاعفات في المستقبل".

وتؤكّد الخبيرة أن النتائج تُبيّن أن اتباع أسلوب حياة صحي يشمل ممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي متوازن، "يشكّل الأساس لخطة علاج مرض السكري"، مشيرة إلى أن الإنسولين وحده "ليس كافيًا برغم أهميته". وتضيف: "نعالج المرضى في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري وفق منهجية شاملة، ولدينا فريق كامل يعمل على الحالات المرضية من جميع النواحي، بما يشمل تقديم المشورة بشأن النظام الغذائي ونمط الحياة".

لقد بات خليفة واثقًا من أنه لن يعود إلى عاداته القديمة، ويقول: "كنت أشعر بالتعب طوال الوقت، لكنني أصبحت أتمتع بالحيوية، ولاحظت الفرق في الرياضة المدرسية أيضًا؛ ففي الماضي لم يكن بإمكاني الجري مسافة بعيدة، لكن حلمي اليوم أن أصبح متسابقًا

محترفًا، مثل أخي الأكبر سلطان الذي فاز بالعديد من الجوائز. أريد أن أمتلك خيلي الخاصة وأطمح في أن أصبح جزءًا من الإسطبلات الأميرية".

خمسة نصائح مهمة تقدّمها الدكتورة أماني عثمان لأسر الأطفال المصابين بمرض السكري:

1. يجب على الآباء مرافقة الأطفال إلى مواعيد الطبيب، وأن يحرصوا على التأكيد لهم بأنهم ليسوا وحدهم في مواجهة المرض.

2. يمكن للآباء أو الأطفال الأكبر سنًا دعم الطفل في تعامله مع حالته المرضية، ولا سيما في المراحل الأولى، عند شعوره بالإرهاق، مع ضرورة تشجيع الطفل ومكافأته على جهوده في السيطرة على المرض.

3. يمكن للأسرة المساعدة في إقناع الطفل بأن يعيش حياة صحية وذلك بأن يصبح كل فرد من أفرادها قدوة تُحتذى، فيجب تشجيع الأكل الصحي للجميع حتى لا يشعر الطفل بالاستبعاد.

4. يلعب التصوّر الواضح لدى الطفل لطبيعة مرض السكري دورًا حاسمًا في كيفية تعامله مع الحالة. وعلى الآباء توضيح أن مرض السكري ليس "مرضًا سيئًا"، وإنما حالة صحية تتطلب اتباع نمط حياة معين وإحداث تغييرات غذائية ومراقبة مستمرة من أجل إحكام السيطرة عليه.

5. ينبغي تشجيع الأطفال على الإفصاح عن مشاعرهم وعواطفهم بحرّية، ويمكن أن تقدّم مجموعات الدعم مساعدة كبيرة في هذا الجانب أيضًا.

المزيد من قصص المرضى

information.Icon.Name
قم بزيارتنا

مقرنا الرئيسي

إرشادات الطريق
information.Icon.Name
دعم المرضى

قاعدة معرفية للمرضى

احصل على الدعم
information.Icon.Name
دعم الأعمال

معلومات للموردين

احصل على الدعم